برنامج "التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة" للبنك الإسلامي للتنمية مستكشف التمكين الاقتصادي في فلسطين

في المائة) تحت خط الفقر في عام2017[1] لا سيما في قطاع غزة، الذي يعاني أكثر من الضفة الغربية من حيث الفقر الوطني حيث يبلغ نصيبه من الفقراء 71.2 في المائة مقارنة مع 28.8 في المائة من الضفة الغربية.[2]

ورغم أن النمو الاقتصادي يعتبر أقوى أداة للحد من الفقر وتحسين نوعية الحياة، إلا أنه في حالة فلسطين، لم ينتج عن الزيادة الملحوظة في الناتج المحلي الإجمالي خفض لمعدلات الفقر والبطالة، بل كانت هناك علاقة عكسية بين معدل الفقر وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.[3]

وللخروج من هذا الوضع، شرع البنك الإسلامي للتنمية في جدة في إنشاء وتصميم مبادرة مبتكرة في فلسطين تحت اسم "التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة" في عام 2006 لتمكين الفقراء والمهمشين الفلسطينيين وجعلهم يعتمدون على أنفسهم بدلاً من الاعتماد على المساعدات الإنسانية والخيرية.

معالي رئيس البنك الإسلامي للتنمية يزور معرض التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة في فلسطين، جدة 2017

يتمثل الهدف العام لبرنامج "التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة" في تمكين الأسر الفلسطينية التي تعاني من الفقر المدقع للخروج من دائرة الاعتماد الاقتصادي على المساعدات لتصبح بمثابة مولدات مستقلة للدخل وموفرة لفرص العمل من خلال توفير حزمة من الخدمات المالية وغير المالية لأسر معيشية مختارة تلبي احتياجاتها ذات الأولوية من حيث سبل المعيشة، بما في ذلك أنشطة شبكات الأمان الاجتماعي ذات التمويل الإسلامي الأصغر المالية والترويجية.

 

من خلال تطبيق إطار نهج سبل المعيشة المستدامة، عزز برنامج التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة في فلسطين التنمية الاقتصادية الشاملة من خلال دعم الأسر المعيشية المنتجة ذات الدخل المنخفض، حيث توفر طريقة البرنامج منهجًا قويًا وشاملاً لاستهداف الأسر المنتجة الضعيفة وإشراك أعضائها في الأنشطة المستدامة المدرة للدخل، لا سيما من خلال تطوير المشروعات الصغرى والصغيرة، لتوفير فرص العمل وسد فجوات فقر تلك الأسر من حيث الاستهلاك والدخل. ويكمن نهج التمكين في برنامج التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة في فلسطين في صميم الاستراتيجيات الأكثر فعالية لتعزيز نهج حقوقي حقيقي يتماشى مع الأهداف الإنمائية للألفية، لا سيما الهدف 1 (القضاء على الفقر المدقع)، والهدف 2 (تحقيق تعميم التعليم الابتدائي)، والهدف 3 (تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة). ويعتبر التمكين الاقتصادي والاستدامة الذاتية من القيم الأساسية في إطار برنامج التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة، الذي يهدف كذلك إلى أن يتيح للمستفيدين الحفاظ على مستوى من الكرامة والحرية لتحقيق تطلعاتهم.

 

كما يقع برنامج التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة في قلب أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما الهدف 1 (القضاء على الفقر)، والهدف 2 (القضاء التام على الجوع)، والهدف 5 (المساواة بين الجنسين)، والهدف 8 (العمل اللائق ونمو الاقتصاد)، والهدف 9 (الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية)، والهدف 10 (الحد من أوجه عدم المساواة)، والهدف 14 (الحياة في البر).

وقد أدار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي / برنامج مساعدة الشعب الفلسطيني تحت قيادة وإشراف مباشرين للبنك الإسلامي للتنمية برنامج التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة في فلسطين بالتعاون الوثيق مع المؤسسات الفلسطينية الحكومية والمدنية بدعم مالي رئيسي من صندوق الأقصى ومانحين عرب آخرين.

النهج المبتكر لبرنامج التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة

يعوى توسيع وتكرار برنامج التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة في الدول الأعضاء إلى تطويره واستخدامه لأدوات وسياسات مبتكرة نورد فيما يلي وصفًا موجزًا ​​لها:

  1. أوقاف الفقراء باعتبارها فرصة: الفقراء باعتبارهم شركاء تجاريين.
  2. إدخال منتجات وعمليات وأنظمة التمويل الأصغر الإسلامي في مؤسسات التمويل الأصغر.
  3. استراتيجية الصناديق المتجددة والتخارج.
  4. أدوات التنفيذ الفعالة: (1) استهداف واختيار المستفيدين، و(2) تقييم احتياجات الأسر المعيشية، و(3) تقييم المنظمات غير الحكومية، و(4) تقييم مؤسسات التمويل الأصغر، و(5) توفير نظم المعلومات الإدارية التفاعلية، و(6) وضع كتيبات التشغيل، و(7) الصناديق المتجددة.
  5. تنمية القدرات على جميع المستويات وبناء القدرات القائمة للأسر المعيشية.
  6. بناء أوجه التآزر لضمان الخدمات الاجتماعية الداعمة والمتكاملة للأسر المستهدفة.
  7. الشراكات الذكية بين المنتجين ذوي الدخل المنخفض والقطاع الخاص.

حقق برنامج التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة تقدمًا كبيرًا في التمكين الاقتصادي للشباب، والنساء، وصغار المزارعين، وذوي الإعاقة بصفته النهج البديل للحد من الفقر في فلسطين.

كما تبني برنامج التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة الاستراتيجيات التالية للتمكين الاقتصادي للمجموعات الفقيرة المذكورة أعلاه:

  1. إنشاء مشاريع مُدرة للدخل (مشاريع صغرى):

بدأ برنامج التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة بتأسيس مشاريع صغرى من أجل التمكين الاقتصادي مع توفير خدمات تطوير الأعمال للمستفيدين. وقد أخذت الخدمات المالية لتأسيس هذه المشاريع الصغرى شكل منح للمستفيدين المسجلين في برنامج التحويلات النقدية الذي تديره وزارة التنمية الاجتماعية وقروض للفقراء الذين يمارسون نشاطًا اقتصاديًا ولا يستفيدون من برنامج التحويلات النقدية. وتقوم هذه الاستراتيجية على حشد الموارد البشرية بين الأسر الفقيرة بُغية إدارة المشاريع الصغرى، ما يمكن المشاريع الصغرى والصغيرة من أن تضمن القدرة التنافسية الوطنية والابتكار وتوفير فرص العمل في الوقت ذاته.

مشروع شفاف في القدس الشرقية

 

  1. نقل المعرفة وتعبئة الموارد:

نوَّع برنامج التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة استراتيجياته للتمكين الاقتصادي من خلال اعتماد نقل المعرفة وتعبئة الموارد بصفتها أداة للتمكين الاقتصادي بالإضافة إلى النهج التقليدي لتأسيس المشاريع الصغرى. استجاب هذا النهج لمعدل البطالة المرتفع بين الشباب بشكل عام والشابات بشكل خاص.

 

تشمل هذه الإستراتيجية طرقًا مختلفة وفقًا للسياق والمجموعة المستهدفة نلخصها على النحو التالي:

  • حاضنات ومسرعات رواد الأعمال: لتوفير الفرصة للشباب ممن لديهم أفكارًا تجارية لإنشاء أعمال جديدة من شأنها أن تؤدي إلى خلق فرص عمل. نفذ هذا النهج بالشراكة مع الجامعات الفلسطينية والمنظمات غير الحكومية تحت أسماء تجارية مختلفة مثل بذرة وجدارة.

تدخل التمكين الاقتصادي في غزة في إطار مشروع بذرة- ستوديو لاثنين من رواد الأعمال الشباب في غزة

 

تنمية المهارات بغية التوظيف: تدريب الشباب على أساس تقييم احتياجات السوق من المهن والأشخاص المهرة. يركز هذا النهج على تحديد الطلب قبل العمل على التوريد

 

  • العمالة التنموية: يعتمد هذا النهج على تعبئة الاحتياجات التنموية الخفية التي يمكن أن تفتح فرص عمل جديدة للشباب. على سبيل المثال، أنشئت وحدات لنظام المعلومات الجغرافية في عدة بلديات في قطاع غزة لتلبية الاحتياجات التنموية فيها مع خلق عشرات الوظائف في آنٍ واحد.
  • تعبئة الموارد: يعتمد هذا النهج على تعبئة الموارد المجمدة على مستوى الأصول والموارد البشرية. على سبيل المثال، تمتلك بعض الجامعات موارد غير مستخدمة من الأراضي والمياه بينما يعاني خريجو الهندسة الزراعية من البطالة. ساعد برنامج التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة في جمع هذه الموارد وتوفير الخدمات المالية لإنشاء مشاريع منتجة مثل الصوبات الزراعية.

مشروع استزراع مائي

  • العمل الإلكتروني عن بعد والعمل الحُر على الإنترنت: يهدف هذا النهج إلى فتح فرص العمل للشباب عن طريق التواصل مع سوق

العمل في الخارج في ظل مشروع ومض، وهو الاسم التجاري للمشروع في غزة.

تطبيق تليفون محمول لطلب سيارات الأجرة

  • مطابقة الموارد البشرية المتاحة مع احتياجات الصناعة: أتاح هذا النهج الفرصة للخريجين الشباب في المجالات ذات الصلة بالصناعة المحلية للانخراط بشكل بنَّاء في دورات الإنتاج في الصناعات المحلية حيث أثبتوا أنه يمكنهم إضافة قيمة وتعزيز أساليب الإنتاج وتوفير التكاليف المتعلقة بصيانة وحجم الإنتاج. نفذ هذا النهج بالشراكة مع اتحاد الصناعات الفلسطيني تحت الاسم التجاري مهارات.

 

  • المشاريع الجماعية والشراكة مع القطاع الخاص: يقوم برنامج التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة الآن بوضع نموذج تمكين اقتصادي جديد من خلال الشراكة مع القطاع الخاص لصالح العائلات الفقيرة صُمم لتحريك مشاركة الفقراء النشطين من المشاريع الصغرى لدمجها في الشركات الصغيرة والمتوسطة. وتتمثل نظرية التغيير في ظل هذا النهج في نقل الثروة إلى الفقراء. ومن شأن هذا النهج أن يدمج الفقراء في دورة الإنتاج الاقتصادي وأن يوفر لهم الفرصة لامتلاك وسائل الإنتاج. وبالإضافة إلى ذلك، سيكون من المهم توجيه التمكين الاقتصادي للفقراء إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تبشر بالخير في المستقبل.

 

  1. المشاريع الاجتماعية:

لتوفير الفرصة والبيئة المواتية للذكور والإناث من الشباب للمشاركة في دورة الإنتاج في سياق الأعمال التجارية التي تتجاوز قدراتهم الإدارية، تأسست هذه الشركات تحت رعاية المنظمات غير الحكومية القوية أو منظمات المجتمع المحلي. يضمن هذا النموذج استدامة الأعمال التجارية والمساعدة في تسويق المنتجات.

 

آثار ونتائج برنامج التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة

يعتبر برنامج التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة مبادرة رائدة ساعدت في ربط الحماية الاجتماعية بالتمكين الاقتصادي وأثرت في سياسة الحماية الاجتماعية في دولة فلسطين من خلال اعتماد وزارة التنمية الاجتماعية للتمكين الاقتصادي واعتباره الآن الخيار الأول حيث أصبح برنامج التحويلات النقدية الملاذ الأخير للعائلات المحرومة.

 

بنى برنامج التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة كفاءات ما يقرب من 250 موظفًا من المنظمات غير الحكومية المنفذة ومؤسسات التمويل الأصغر والمسئولين الحكوميين في مجال نهج سبل المعيشة المستدامة، وتحليل الفقر، وإعداد دراسات الجدوى، وتخطيط الأعمال والتدريب. كما وُضعت أدوات، وأدلة، ونماذج، وقوالب لضمان الاستهداف الصحيح للأسر الفقيرة وتقييم ظروفها ورؤوس أموالها ومواءمة التنفيذ عبر مختلف شركاء برنامج التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة. كما صُمم برنامج تطوير قدرات خاص لوزارة التنمية الاجتماعية لتلبية احتياجاتها الفنية لا سيما في مجال التمكين الاقتصادي للأسر الفقيرة.

 

منذ انطلاقته في عام 2006 وحتى نهاية عام 2017، وفَّر برنامج التمكين الاقتصادي للأسر المحرومة من خلال المنظمات غير الحكومية الشريكة ومؤسسات التمويل الأصغر أنشطة تمكين اقتصادي أدت إلى إنشاء 15.659 من المشاريع الصغرى، ونقل المعرفة إلى 3.485 من الذكور والإناث من الشباب ما قادهم إلى دخول سوق العمل، بينما تلقت 12.773 أسرة خدمات اجتماعية داعمة في مجالات التعليم والصحة والإسكان، وتوفرت أكثر من 50.000 فرصة عمل في الضفة الغربية، والقدس الشرقية، وقطاع غزة نتيجة للمشاريع الصغرى التي أنشئت. ويبلغ الدخل السنوي المقدر للشركات التي أنشئت حوالي 270 مليون دولار أمريكي وبلغت تكلفة إنشاء فرصة العمل الواحدة حوالي 3.000 دولار أمريكي.

 

 

 


[1]  http://www.pcbs.gov.ps/Document/pdf/txte_poverty2017.pdf?date=16_4_2018_2

[2] المرجع السابق.

[3]  https://borgenproject.org/palestine-poverty-rate-high/

Top