الندوة الصحافية الختامية - كلمة معالي الدكتور محمد سليمان الجاسر رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية
بسم الله الرحمن الرحيم
والصَلاةُ والسلامُ على أفضل الأنبيـاءِ والمرسـلين، سيدِنا ونبينا مُحمدٍ الأَمين، وعَلى آلِهِ وصَحْبهِ أجْمَعِين، ومَن تَبِعَهُم بإحْسَان إلَى يوم الدِّين
معالي السيد عبد الكريم بو الزرد، وزيرُ مالية الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، رئيس مجلس المحافظين،
ممثلي وسائل الإعلام المحترَمين،
أيها الضيوفُ الكرام،
أيها السيداتُ والسادة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعدني أن أرحِّب بكم في الندوة الصحافية الختامية للاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية لعام 2025.
وفي ختام هذا الأسبوع المميَّز في الجزائر العاصمة، أود أن أعرب، باسم مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، عن خالص امتناننا لفخامة السيد الرئيس عبد المجيد تبون على رعايته الكريمة لاجتماعات هذه السنة.
ونعرب كذلك عن تقديرنا الخالص لحكومة الجزائر والشعب الجزائري العزيز على حفاوة الاستقبال وحُسن التنظيم، مما مكّننا من عقد هذه الاجتماعات في ظروف اتَّسمت بالطمأنينة والفعالية والترحيب- ولله الحمد.
وأتوجَّه بشُكرٍ خاص لأخي معالي السيد عبد الكريم بو الزرد، وزير المالية في الحكومة الجزائرية، على قيادته المتميزة أثناء فترة رئاسته لمجلس محافظي البنك الإسلامي للتنمية. فقد كان له دور كبير في توجيه مناقشاتنا بحكمة وتحقيق التوافق المنشود.
وأعرب أيضاً عن شكري الخالص للمحافظين والمحافظين المناوبين وأعضاء مجالس الإدارة وجميع المندوبين الموقرين على مشاركتهم الفعالة ومساهماتِهم القيِّمة في فعاليات هذه الاجتماعات.
وأوجه تحيةَ عرفانٍ خاصة إلى جميع موظَّفي مجموعة البنك الإسلامي للتنمية الذين ساهموا بتفانٍ في نجاح هذه الاجتماعات وفعالياتها الجانبية العديدة.
وتحظى الجزائرُ بمكانةٍ خاصّة في تاريخِ البنك. فهي ليست فقط عضواً مؤسِّساً، بل أوّلَ دولةٍ عضو، غيرَ دولة المقر، تستضيفُ الاجتماعاتِ السنوية ثلاثَ مرّاتٍ: في عام 1990، ثم في عام 2001، وها نحن نعود إليها هذه السنة.
ويمثل لقاؤُنا هذا العام فصلاً جديداً من فصول شراكةٍ طويلةٍ مبنيّةٍ على الثقة. فقد شهدنا التوقيعَ على إطار التعاون القُطريّ للفترة 2025-2027 بين الحكومة الجزائرية ومجموعة البنك الإسلامي للتنمية، الذي تلتزم مجموعةُ البنك بموجبه بتقديم خدماتٍ مالية وتأمينية خلال السنوات الثلاث المقبلة بقيمة إجمالية تبلغ ثلاثة مليارات دولار أمريكي، حسب احتياجات البلد للفترة المقبلة.
وإننا نتطلَّع إلى توطيد هذا التعاون مع الجزائر بمواءمة دعمنا مع أهدافها الإنمائية الوطنية، وطموحاتِها في مجال تعزيز البنى التحتية والنهوض بالقطاع الخاص.
أيُّها السيداتُ والسادة،
إن موضوعَ اجتماعات هذا العام - "تنويعُ الاقتصاد إثراءٌ للحياة"- يُعبِّر بصدق عن مهمتنا المتمثّلة في تقوية قدرة الاقتصاد على الصمود، وتعزيز التقدم الاجتماعي، وتحقيق الازدهار المشترك في بلداننا الأعضاء.
وقد نظمنا، طوال هذا الأسبوع، العديد من الاجتماعات الرفيعة المستوى، والفعاليات الرئيسية، من أبرزها منتدى القطاع الخاص، إضافةً إلى أكثر من عشرِ فعالياتٍ جانبية، شاركت فيها نخبةٌ بارزة من قادة الفكر، والأكاديميين، والمختصّين بالتنمية. واستقبلنا أكثرَ من4000 مشاركٍ يمثلون 89 بلداً و70 مؤسسة. وشكَّلت تلك الفعاليات إطاراً هامّاً لإجراء حوارٍ مفتوح، وعقدِ شراكاتٍ استراتيجيّة، وإرساء تعاوُنٍ مبتَكر، سواءٌ في القطاع العام أو القطاع الخاص.
ويسعدني أن أعلن عن توقيع أكثر من 70 اتفاقية بقيمةٍ إجماليةٍ تناهز 5 مليارات دولار أمريكي، مع 26 بلداً عضواً وعدة مؤسسات إقليمية. وتشمل هذه الاتفاقيات قطاعات بالغة الأهمية، وتؤكد عزمَنا على تقديم حلول إنمائية ملموسة وذاتُ أثرٍ كبير.
أيها السيّدات والسادة،
نشهد هذه السنة محطةً تاريخية أخرى من المحطات البارزة في مسيرة البنك، تُصادف عقدَ الاجتماع السنوي الخمسين لمجلس المحافظين وإطلاقَ الإطار الاستراتيجي الجديد لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية للأعوام 2026-2035.
وكما تعلمون، فقد تطوَّر البنك الإسلامي للتنمية، منذ تأسيسه في عام 1974، إلى منظومة إنمائية فريدة تضمّ خمسَ مؤسساتٍ مترابطة، هي:
- البنك الإسلامي للتنمية؛
- المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات؛
- المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص؛
- معهد البنك الإسلامي للتنمية؛
- المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة.
ونحن نخدُم -معاً- 57 بلداً عضواً وجالياتٍ إسلامية في العالَم أجمع، ونؤثِّرُ في حياةِ ما يُناهِز رُبُعَ سكّان هذا الكوكب.
إنّ قوّتَنا تكمُن في هُويَّتِنا. فنحن بنكٌ إنمائيٌّ من الجنوب، وفي الجنوب، وللجنوب، يسترشدُ بالقيم الإسلامية المتمثلة في التضامن والعدالة والثقة المتبادلة.
وفي العام الماضي، خلال الاجتماعات السنوية التي عُقدت في الرياض، أكَّد مساهِمُونا هذا الموقفَ بإعلان الخمسينية في الرياض. فقد رسم هذا الإعلانُ مساراً واضحاً للمستقبل. وتبلور هذا المسارُ بصورةٍ أوضح في الملتقَى التشاوُريّ للمحافظين الذي عُقد بالمدينة المنوّرة في شهر يناير من هذا العام، حيث عبَّرنا عن تطلُّعاتِنا الجماعيّة للعقد المقبل.
وبالأمس، أقرّ مجلس المحافظين الإطار الاستراتيجي للفترة 2026-2035، الذي يرتكز على خمس رسائل أساسية هي:
أوّلاً- ماضينا. فقد دأبت مجموعةُ البنك الإسلامي للتنمية، طَوالَ السنوات الخمسين الماضية، على تكييف تدخُّلاتها باستمرار مع الأولويات المتغيرة لبلداننا الأعضاء. فنحن نبدأ من حيث تنتهي بلداننا الأعضاء، لا قبلها.
ثانياً- حاضرُنا. فالمشهد الإنمائي العالمي يشهد تحولاتٍ عميقة بسبب التوترات الجيوسياسية المتزايدة، والانقسام الاقتصادي، والتطورات الرقمية. وهو ما يستدعي إصلاحاتٍ عاجلة تراعي أولويات البلدان النامية التي تستكشف نماذجَ تمويل بديلة.
ثالثاً- مستقبلُنا. يحدِّد هذا الإطار الاستراتيجي اتجاهاً واضحاً لتحقيق نموٍ اقتصاديّ مستدامٍ ورخاءٍ تتوارثُه الأجيال، مع إيلاء عنايةٍ خاصّة للإنتاجية، والقدرةِ على الصمود، والاستدامةِ، والشمول.
رابعاً- مستويات العمل. سنعمل على ثلاثة مستويات هي كالتالي:
- على المستوى القُطري، سنسعى إلى تعظيم قيمتنا المضافَة بدعم الحلول النابعة من البلدان نفسها.
- على مستوى البلدان الأعضاء مجتمعةً، سنضطلعُ بدور منصةٍ لتبادل المعارف والموارد بين بلداننا الأعضاء.
- على المستوى العالمي، سنبوّئ مجموعةَ البنك مكانةَ مركزٍ فكريّ رائد في مجال الاقتصاد والمالية الإسلاميَّين.
والرسالة الأساسية الخامسة والأخيرة التي يرتكز عليها الإطار الاستراتيجي الجديد هي ضرورةُ التحوّل المؤسسي. فمن شأن اتِّباع نهجٍ متدرّجٍ ومتوازنٍ أن يضمن الاستمرارَ مع تمكين الابتكار والتحوّل الرقمي. وسيشكل هذا الإطارُ العَشْري مرجعاً نَسترشد به لإعداد استراتيجيتين خماسيتين متتاليتين لكل مؤسسة من مؤسسات مجموعة البنك، بأولوياتٍ محدَّدة، وأهدافٍ قابلةٍ للقياس، ومؤشراتِ أداءٍ واضحة.
الإخوة والأخوات ممثِّلو وسائل الإعلام المحترمون،
إنَّ دوركم في هذه المرحلةِ الجديدة من مسيرة مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، يبقى دوراً محورياً. فأنتم لَسْتُم مجردَ ناقلين للأخبار، بل أنتم رواةُ رحلتِنا الإنمائية التي نصنعها معاً.
نشكركم جزيلَ الشكر على حضورِكم، وتغطيتِكم، وتحليلاتِكم القيِّمة طوال هذا الأسبوع. فعملُكُم يساهم في تسليط الضوء على القصص الإنسانية الكامنةِ وراء الأرقام، أي على كلّ حياةٍ غُيِّرت، وفرصةٍ وُفِّرت، ومستقبلٍ أعيدَ تشكيلُه.
وسنكون سعداءَ بالترحيب بكم مجدداً، بمشيئة الله، في اجتماعاتنا السنوية المقبلة في دولة أذربيجان.
شكراً لكم،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.